بحث حق المقاومة بين الواقع والمأمول د. فهد الغفيلي
المبحث الأول
الإطار العام والنظري للبحث
مقدمة:
يظهر أن مسألة الصراع أحد أسرار الوجود الإنساني في هذه الحياة الدنيا ، ويبدو أنه لولا هذه الصراعات لصارت الحياة كالماء الآسن الذي لا يستساغ؛ بسبب ركوده بعكس الماء الجاري المتحرك، والمولى سبحانه يقول: {وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ}[1] وفي موضع آخر يقول سبحانه: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}[2] وحيثما يكون هناك صراع فلابد من وجود مادة محسوسة أو معنوية يتنازع طرفان أو أكثر إما للظفر بها أو إحقاقها، فإن كانت الكفتان تميلان إلى التكافؤ بحيث يتسلح كل طرف بأدواتٍ موازية في قوتها للطرف الآخر فهذا يسمى تصارع، أما حين تكون الغلبة الساحقة بيد السلطة ويسعى الطرف الآخر لإثبات نفسه والمنافحة عن فكرته والمطالبة بحقه فعندها يطلق على هذه العملية مقاومة؛ حيث إن من بيده السلطة يسعى لإلغاء الطرف المقابل من خلال تهميشه أو القضاء على المنهج الذي يسعى لترويجه، أو الاستيلاء على كل ما يمكنه الظفر به من حقوق تعود على الطرف الأقل قوة، يقابل ذلك سعي الطرف الثاني إلى التمسك بحقوقه والدفاع عنها فيسمى ذلك مقاومة. ولا يلزم للطرف الأقل قوة أن يكون أقل عدداً، بل قد يكون الطرف الأقوى قليل العدد ولكنه كثير العتاد، والتاريخ يحكي الكثير عن هذا النوع من التدافع بين قلة تتحكم بكل شيء، مقابل كثرة تقاوم في سبيل ضمان عيشها الكريم، والشواهد في الماضي والحاضر كثيرة، وسوف آتي على شيء منها في المبحث الثاني ـ بإذن الله ـ ولكن ما يهمني في هذه المقدمة الموجزة أن أؤكد على ما يقصده الباحث في مفهوم المقاومة والتي يعرفها يوجز تعريفاً لها بأنها: سعي طرف أقل شأن بغرض الحصول على حقٍ مادي أو إثبات شأنٍ معنوي. وهذا التعريف يتضمن أركان المقاومة الثلاث من وجهة نظر الباحث.
أركان المقاومة كما يراها الباحث:
- بذل الجهد: سواء كان ذلك الجهد سلمي أو عسكري.
- عدم تكافؤ القوة بين طرفي التدافع.
- وجود الحق المادي أو المعنوي الشرعي محل المقاومة.
والحديث حول المقاومة متشعب ومتنوع ويدخل الباحث في حيرة كبيرة حين يريد أن يصنف بحثه فتقسيم البحث من حيث المقاومة بحسب الزمن ممكنة، وتقسيمة من حيث أشكال المقاومة ممكن أيضاً، كما أن تقسيمه بطريقة شمولية تتضمن الحديث عن خصائص المقاومة وعوامل ومسببات التدافع والأهداف، وما إلى ذلك ممكن أيضاً، ولهذا فقد قام الباحث بتقسيم بحثه إلى أربعة مباحث خصص المبحث الأول منه للإطار النظري والعام للبحث شمل المقدمة ومشكلة البحث وأهميته وتساؤلاته وعرض موجز للدراسات السابقة، ثم تحدث في المبحث الثاني عن المقاومة عبر التاريخ في محاولة من الباحث لإثبات وجود التدافع كأحد الإطارات التي تغلف هذه الحياة من جهة، ولتكرر نفس الأدوات المادية والمعنوية التي تستخدمها الأطراف المتصارعة عبر التاريخ من جهة ثانية. ثم تحدث في المبحث الثالث عن المقاومة المشروعة وسعيها إلى إثبات حقوقها في المشاركة السياسية بعد أن استوفت كافة حقوقها المجتمعية، وفي المبحث الرابع تطرق الباحث إلى الجماعات الإرهابية التي سعت إلى استغلال حق المقاومة تزييفاً وخداعاً للجماهير لتبرير أعمالها من جهة ولكسب تعاطف وتجنيد من تستطيع من جهة ثانية. وختم الباحث ببعض التوصيات التي رأى أهمية التنبيه إليها في معالجة هذه المواضيع لعلها تفيد المشتغل في هذا المجال سواء كان مسؤولاً أو باحثاً. والله أسأل التوفيق والسداد.
مشكلة البحث:
يلاحظ الباحث استغلال مصطلح المقاومة من قبل كثير من الجماعات، منها من ينطبق عليه هذا المصطلح ومنها ما هو أبعد ما يكون عنه، كما تأتي إشكالية أخرى تتمثل في الحق في استخدم القوة ومتى يسمح بذلك وما هي موجباتها وهي من الأمور التي دار حولها جدل كثير تفاوت بين الحضر الكامل وبين السماح بل والندب بلا قيد ولا شرط.
أهمية البحث:
تأتي أهمية البحث من جهة سعيه إلى تسليط الضوء على مفهوم المقاومة، وبيان حقيقتها وأنها من الأمور المندوبة من أجل العيش، ولكن وفق ضوابط معينة، وقيام البحث بالفصل بين المقاومة المندوبة والمقاومة المذمومة من الأمور التي تضفي لهذا البحث قيمة؛ خاصة في الحقبة الحالية حيث اختلطت الشؤون والتبس على بعض عامة الناس الأمر بفعل التأثير الإعلامي، ليأتي هذا البحث ليوضح بعض الالتباسات التي قد تحدث لدى بعض عامة الناس ولعله يصحح بعض الأفكار ويعيد شيئاً من الأفهام في هذا الجانب إلى نصابها الصحيح.
أهداف البحث:
- دحض بعض حجج من يستخدمون حق المقاومة ويرتكبون باسم الإسلام بعض التصرفات المخالفة لتعاليمه.
- يسعى الباحث إلى بيان أحقية المقاوم بالتفكير بالطريقة التي يريد، ولكن عليه أن يناقش الفكرة مع العلماء الربانيين وأن لا يتصرف إلا وفقاً لما يتفق عليه.
- يهدف البحث إلى بيان واقع المقاومة الحالي وما هو مأمول منها من خلال ملاحظته الشخصية أو ما كان ينادي به بعض الباحثين والمختصين في هذا المجال، خاصة في أساليب المقاومة المستخدمة، والأهداف التي سعوا إلى تحقيقها.
تساؤلات البحث:
يتساءل الباحث عن العوامل التي أسهمت في نجاح بعض حركات المقاومة ومكنتها من إثبات نفسها، وساعدت على بقائها وزادت من شعبيتها في المجتمعات، بل ومكنت لها في عوالم السياسية في غير مناسبة وفي غير بلد. كما يتساءل الباحث عن أسباب عدم بروز أي نشاط لحركات المقاومة في بعض البلدان؟ وعن أسباب زيادة نشاط المقاومة في بلد في فترة معينة ومن ثم خفوت صوتها في فترة لاحقة. ويتطرق الباحث إلى السؤال الأصعب المتمثل في الكيفية التي يمكن للمتلقي العادي من التمييز بين المقاوم الحقيقي والمقاوم ذي الحق الزائف.
منهج البحث:
اعتمد الباحث في كتابة هذا البحث على المنهج الاستقرائي، حيث اطلع على بعض ما كتبه الباحثون والمتخصصون في هذا المجال، وسعى إلى الاستفادة من بعض ملاحظاتهم والإشارة إليها في بحثه، والتأمل في بعض ما طرحوه من آراء ومقترحات ومعلومات والسعي إلى بلورتها مع ما لديه من معرفة في هذا المجال ومن ثم صياغتها بطريقة تعين على وصول الفكرة التي يريدها الباحث.
البحوث السابقة:
أولاً: المقاومه والارهاب، بحث، الأستاذ / عبد الرحمن حسين: تحدث الباحث عن وجود اختلاف بين الأشكال التي تستخدمها الجماعات من أجل الحصول على حريتها، فالبعض يلجأ إلى هجمات ضد مدنيين، بينما جماعات أخرى لا تهاجم إلا أهدافا عسكرية، والبعض يؤمن بالمقاومة السلبية السلمية كما فعل غاندي ضد الاحتلال البريطاني للهند. ويؤكد الباحث على إنه بالإمكان أن نقول إن أشكال المقاومة هذه كلها قابلة للتبرير، ولكن من الواضح أن أي جماعة تلجأ إلى المقاومة السلبية تكسب دعما دوليا أكبر من الجماعات الأخرى التي تلجأ إلى العنف ضد المدنيين. ويضيف الباحث بأن مشكلة التمييز تبدو عسيرة في بعض المواقف تجاه حركات التحرر والمقاومة فالذين يؤيدون هذه الحركات يرون أن انشطتها كافة ـ لاسيما تلك التي تتسم بالعنف ـ تعد وسيلة مشروعة لانتزاع حقوق الشعوب ونيل مطالبها. بينما يرى الجانب الآخر أن أنشطة هذه الحركات حتى تلك التي لاتتسم بالعنف غير مشروعة وأعمالآ إرهابية. ويشير الباحث إلى أن بعض الباحثين الغربيين يخلط بين الإرهاب من جهة، و المقاومة المشروعة من جهة أخرى، ويتجاهلون الواقع الذي يحتم عليهم مراعاة الفروق الجوهرية بين الأعمال التي تشكل إرهاباً، ونضال الشعوب في سبيل الحرية والاستقلال؛ حيث يرى الباحث أن الإرهاب يمارسه أشخاص خارجون على القانون والشرعية، في حين تتولى المقاومة المشروعة جماعات ومنظمات تدافع عن أرضها وحقها في تقرير مصيرها، وهو أمر مشروع ومقبول لدى كافة أطياف المجتمع الدولي، بل أمر محمود تحث عليه المواثيق الإقليمية والدولية. ويميز الباحث حركات التحرر الوطني عن الحركات الإرهابية بعدة خصائص منها: الهدف من حركات التحرير الوطني هو تحقيق التحرر. وجود التعاطف الشعبي مع حركات التحرير والمقاومة مع تلقيها دعما وتأيدا واسعا من المواطنين. وجود الدافع الوطني المتلائم مع المصلحة الوطنية العليا وهوما يميز حركات التحرير عن الاعمال التي تستهدف مصلحة خاصة لبعض الفئات من المواطنين أو تنافس أو تناحر للسيطرة على السلطة أو فرض فلسفة معينة.
ثانياً: المقاومة والإرهاب، بحث، د. أسعد السحمراني: تحدث الباحث بداية عن الإرهاب وعرفه بأنه اللجوء إلى العنف لأهدافٍ سياسية وفاعلة لمن ليس له سلطان أو صلاحيات حكومية[3]، وهو يقوم بها منتهكاً قواعد السلوك المتعارف عليها للتعبير عن السخط، أو الإنشقاق، أو معارضة الأهداف السياسية للسلطات الحكومية الشرعية للدولة التي ينظر إليها على أنها لا تتجاوب مع احتياجات فئات معيّنة من الناس. ثم يشير الكاتب إلى الضوابط المنظمة لتداول السلطة بين فريق معارض وفريق يحكم ويتولّى السلطة، ويأتي النضال الديمقراطي عبر الإنتخابات أو التحركات المدنية كالمقالات والخطب، على رأس تلك الضوابط، ويؤكد بأنه في حال استخدم أحدهم العنف مما يحدث التخريب والدمار والقتل فإن ذلك يكون فعلاً مرفوضاً، وهذا يدخل في إطار الإرهاب. ويختم الباحث برأيه أن معالجة الإرهاب والإستخدام التعسفي للقوة من قبل بعض المجموعات، يستلزم توفير التنمية لردعه بحيث يكون الإنسان بحالة إشباع لحاجاته، مع وضع استراتيجية تربوية والتأسيس لخطاب ديني يقوم على الوسطية والإعتدال، ويلتزم قيم الإسلام في الخير والعدل والحقّ والجمال.
المبحث الثاني
حق المقاومة عبر التاريخ
حين تحدثت في المقدمة عن المقاومة وبينتها؛ كان المقصد من ذلك تحديد ما يعنيه الباحث في المقاومة، والتي ما هي غير شكلٍ من أشكال التنازع بين طرفين أحدهما مهيمن على كل شيء بينما الآخر لا يملك من القدرات والإمكانات ما يمكنه من مناطحة الطرف الأقوى، ولهذا فهو يلجأ إلى المقاومة؛ بغرض الحصول على حقه في العيش وحماية عوائده سواء كانت مادية أو معنوية.
ولهذا فقد عرف التاريخ أشكالاً شتى من هذا النوع من المقاومة، وسوف يمر الباحث سريعاً على بعضٍ من المقاومات عبر التاريخ كمدخل لاستعراض بعض أشكال المقاومة الأخرى التي رصدها الباحث وسيتطرق لكل منها في مبحثٍ مستقل.
لا أجد مرجعاً يمكن أن تستقي منه حكايات المقاومة أجمل من القرآن وكانت أقدم الصور التي استعرضت ما كان يدور بين نبي الله نوح ـ عليه السلام ـ وقومه، حيث سعى إلى دعوتهم إلى الحق فلم يستجيب غير نفرٍ قليل منهم، لم يسلموا من الحرب الإعلامية والمادية التي شنها غير المؤمنين به حيث هددوه وصفوا أتباعه بأقذع العبارات {فَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قِوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَرًا مِّثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ }[4] ثم اتهموا صاحب الرسالة بالكذب والجنون {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ}[5] وحين لم يجدي ذلك هددوه بالقتل وهذه محاولة نهائية لاجتثاث المقاومة التي تنافح عن فكرتها وتسعى إلى بقائها {قَالُوا لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ}[6] وهكذا تستمر عملية التجاذب بين الفريقين فريق يسعى لإقصاء فريق، والآخر يقاوم في سبيل العيش وبقاء الفكرة التي يريد، حتى تصل الأمور إلى مرحلة فيأتي الفرج الرباني الحاسم فيقضي على الطرف المتغطرس، وهذا تكرر كثيراً والتاريخ مليء بالشواهد التي تعزز هذا القول.
قصة موسى ـ عليه السلام ـ مع فرعون شكل آخر من أشكال المقاومة وسعي المستضعف إلى العيش وحماية رسالته وأتباعه من بغي وطغيان الكفة المهيمنة، وفي هذه القصة نجد نفس الحرب التي شنت على المقاومة في زمن نوح ـ عليه السلام تتكرر هنا، حيث حاولوا تشويه صورة موسى ـ عليه السلام ـ في بداية الأمر من خلال رميه بالسحر أو الجنون{فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ}[7] ثم حين لم تجدي تلك الوسيلة ولاحظوا كثرة الأتباع شنوا عليهم الحرب مباشرة بعد أن رموهم بتهمة الإرهاب والإفساد، وهي نفس التهمة التي ما تزال تستخدم حتى يومنا هذا عند بعض الطغاة في سبيل القضاء على المقاومة في كل زمان ومكان، وهذا القول لا يمنع من التفريق بين المقاوم الصادق والمقاوم الزائف، {وَقَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَونَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ}[8] ولا تنتهي القصة إلا بالفرج الرباني وهو ما يتكرر في نهاية القصة. وبالمناسبة فجميع قصص المقاومة التي قرأتها في القرآن الكريم لم ينتهي إي منها بمنح المقاوم حقه بل كانت جميع المآلات واحدة تقريباً وتتمثل في إهلاك الطغاة سوى في قصتين الأولى مؤلمة جداً وتخص أصحاب الأخدود وهم سكان نجران قبل ظهور الإسلام الذين اعتنقوا المسيحية في زمن الملك الحميري الذي اعتنق اليهودية يوسف ذو النواس، قبل بعثة محمد ـ عليه السلام ـ بـ (150) عاماً حيث قام بحفر الأخاديد وحرق من اعتنق النصرانية عقاباً لهم، وقد ورد ذكر قصتهم في القرآن الكريم {قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ}[9] ورغم تلك النهاية المأساوية إلا إنه لابد من الإشارة هنا إلى إنه رغم القضاء على المقاومة بتلك الطريقة البشعة إلا إن التاريخ يشهد أن دولة حمير سقطت بعد تلك الحادثة بزمن يسير، كما إن النصرانية استمرت في نجران حتى بعثة محمد ـ عليه السلام.
أما المقاومة الأخرى فهي تلك المتعلقة بالرسالة المحمدية وما لاقته من تعنت وأذى وحرب إعلامية شرسة عليه وعلى أصحابه ـ عليه السلام ـ حيث اتهمه قومه بالسحر والكهانة والجنون{فَذَكِّرْ فَمَا أَنتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ}[10] إضافة إلى محاصرته وقبيلته وتعذيب أصحابه وقتل بعضهم وتهجير البعض الآخر، حتى وصل الأمر إلى التآمر من أجل قتله ـ عليه السلام ـ فلم تكن النهاية هنا بإهلاك الطغاة، بل بالتمكين للمقاومة وتحويلها إلى دولة استطاعات في أقل من عقدٍ من الزمن أن تحول المقاومة إلى صراع ثم تسيطر على الموقف تماماً بعد أن قضت على الطرف الذي كان هو الأقوى، وهنا لابد من وقفات.
وقفة حول المقاومة بين الواقع والمأمول(1):
يستشهد بعض منظري الجماعات الإرهابية بأفعال النبي ـ عليه السلام ـ ومن ذلك مثلاً أمره بقتل كعب بن الأشرف، وابن أبي حقيق، فيفتون لأنفسهم ولأتباعهم باغتيال مخالفيهم، وهذا لا يصح فمتى تصرفت المقاومة بهذه الطريقة لا تصير مقاومة على الإطلاق؛ وإن احتجوا بفعل النبي ـ عليه السلام ـ وقاسوا فتواهم بفعله فهذا قياس فاسد؛ فالنبي ـ عليه السلام ـ حين أمر بقتل الرجلين وغيرهم فكان هناك مبررين:
الأول: أنه أمر بصفته رئيس دولة لا بصفته نبي، وفي ذلك يقول علي بابير[11]: “إن ذلك كان في زمن وجود الدولة الإسلامية، ومن المعلوم أن فترة الدعوة بمكة كانت خالية تماماً من مظاهر العنف أو دعاوى القتل”. ومن هنا وجب التفريق بين مرحلتين في زمن النبي ـ عليه السلام الأولى: مرحلة النبوة في مكة، والثانية: مرحلة الدولة في المدينة.
الثاني: أن الأشخاص الذين أمر النبي ـ عليه السلام ـ بقتلهم كانت هناك تهم صريحة وواضحة تتعلق بالخيانة موجهة إليهم ليس باجتهاد أشخاص لا يملكون أي سلطة أو صفة شرعية، بل كانت تلك التهم صادرة عن أعلى هيئة في الدولة الإسلامية ذلك الوقت، وتتمثل التهمة في خيانة أحد مواطني الدولة للعهد والتآمر مع العدو، وهذه التهمة التي حكم بها النبي ـ عليه السلام ـ ما تزال معروفة وحكمها في جميع الأديان والقوانين القتل.
ومن هنا أعيد مسألة ضرورة تفقه أعضاء المقاومة في المسائل الشرعية وعدم إقدامهم على استحلال ما لا يحل لهم من خلال قياسات فاسدة لا تصح، فهذا يلطخ أيديهم بدماء الأبرياء فتترتب عليه آثام تعلق برقابهم يحملون أوزارها وأوزار من عمل بتلك الفتوى إلى يوم القيامة. كما إنها تكشف زيف وبطلان دعاواهم أمام عامة الناس، فإن كانوا لم يتقوا الله في مسألة الدماء فهم على ما هو دونه أجرأ وأبعد عن تقوى الله ومخافته.
أمر آخر يتعلق بإغفال أي جهة تسمي نفسها بالمقاومة وتجنح إلى العنف أو التصادم مع السلطة، فنقول بأن هذا واقع وهو خلاف المأمول والواجب على تلك الجماعات التي لبست عباءة الإسلام أن يكون هدي المصطفى ـ عليه السلام ـ لها نبراساً، وفي صلح الحديبة شواهد كثيرة منها أن النبي قبل بالصلح لأهداف لم يدركها كثير من الصحابة رغم أن منهم من كره المصالحة مع قريش ومنهم عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ الذي كان يظن بأنه ضرب من إعطاء الدنية في الدين، ورغم امتثاله بل وخضوعه لما ذهب إليه النبي ـ عليه السلام ـ إلا إنه لم يدرك أن مصلحة الدعوة كانت تتطلب تلك الهدنة ولهذا فقد ذهب إلى النبي وسأله عن ذلك فيقول عمر: فَأَتَيْتُ نَبِيَّ اللَّهِ ، فَقُلْتُ: أَلَسْتَ نَبِيَّ اللَّهِ حَقًّا؟ قَالَ: “بَلَى”. قُلْتُ: أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ وَعَدُوُّنَا عَلَى الْبَاطِلِ؟ قَالَ: “بَلَى”. قُلْتُ: فَلِمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا إِذًا؟ قَالَ: “إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ وَلَسْتُ أَعْصِيهِ، وَهُوَ نَاصِرِي”. قُلْتُ: أَوَلَيْسَ كُنْتَ تُحَدِّثُنَا أَنَّا سَنَأْتِي الْبَيْتَ فَنَطُوفُ بِهِ؟ قَالَ: “بَلَى، فَأَخْبَرْتُكَ أَنَّا نَأْتِيهِ الْعَامَ؟” قَالَ: قُلْتُ: لا. قَالَ: “فَإِنَّكَ آتِيهِ وَمُطَّوِّفٌ بِهِ”. قَالَ: فَأَتَيْتُ أَبَا بَكْرٍ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا بَكْرٍ، أَلَيْسَ هَذَا نَبِيَّ اللَّهِ حَقًّا؟ قَالَ: بَلَى. قُلْتُ: أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ وَعَدُوُّنَا عَلَى الْبَاطِلِ؟ قَالَ: بَلَى. قُلْتُ: فَلِمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا إِذًا؟ قَالَ: أَيُّهَا الرَّجُلُ، إِنَّهُ لَرَسُولُ اللَّهِ وَلَيْسَ يَعْصِي رَبَّهُ، وَهُوَ نَاصِرُهُ، فَاسْتَمْسِكْ بِغَرْزِهِ، فَوَاللَّهِ إِنَّهُ عَلَى الْحَقِّ.[12] ويجب أن أشير هنا إلى إن مجادلة عمر تلك تمثل أنموذجاً يحتذى وهو ما يجب أن ينهجه أعضاء المقاومة؛ فمن حق الشخص أن يتساءل وأن يستنكر وأن يناقش، ولكن ليس من حقه الخروج على ولي الأمر ومخالفة رأي من هو أعلم منه.
المبحث الثالث
حق المقاومة في العيش والمشاركة السياسية
يلاحظ الباحث أن بعض حركات المقاومة قد لا تعلن عن هدفها ومطالباتها بالمشاركة السياسية، إلا إنها حين تتمكن تبدأ بالتصريح عن نواياها وأهدافها ورغباتها في المشاركة السياسية، كما أن كثير من حركات المقاومة كانت في بداية تأسيسها تصرح بأن أهدافها تتمحور حول إصلاح المجتمع وإعادة أفراده إلى الطريق القويم وخلق مجتمع متمسك بالدين من خلال إقامة دولة تقوم على الشريعة، وليس من ضرورة أن تتولى الجماعة الإسلامية زمام الأمور بل يكفي أن يتولى ذلك أي جهة أو حزب يمكنه تحمل المسئولية، ومع الوقت يظهر خلاف ذلك ويؤكد ما أقوله الدكتور فريد الأنصاري في حديثه عن الإسلاميين في المغرب فيقول: “كان الطابع الغالب على العمل الإسلامي في مرحلته الأولى هو التأسيس التربوي، والعمل التعليمي، والاشتغال بالمنهج الدعوي، لتجديد بناء النسيج الاجتماعي الديني؛ فأنبت ذلك جيلاً من أهل الفضل والخير، ثم استمر الأمر على ذلك زمناً ينتج ويربى على منهج الأنبياء والصديقين إلى أن نمت الأجسام الحركية وتطورت الأشكال التنظيمية، فكان الابتلاء الذي خسرت في الحركة الإسلامية كثيراً ظهرت فكرة التخصصات في العمل الإسلامي على جميع المستويات: الثقافية، والاجتماعية، والاقتصادية، والإعلامية، والنقابية، والسياسية. والنتيجة أن كل التخصصات التي أعلن عن ميلادها ماتت في مهدها، إلا التخصص السياسي! هو وحده نما وتضخم واحتل كل المساحات الأخرى”.[13] ونفس الأمر يمكن أن يقال عن المقاومة الإسلامية في الجزائر حيث إن جماعة العلماء المسلمين التي أسسها الشيخ عبد الحميد بن باديس ـ رحمه الله ـ والتي يذكر ما يكل ويليس بأنها كانت تضع ضمن بنودها بأنها تتولى التربية الأخلاقية وإن ذلك هو محور اهتمامها، بما يعني البعد عن السياسة، إلا إنها في معركتها ضد الاحتلال الفرنسي في مسألة الهوية الثقافية وحماية اللغة العربية استخدمت مضامين سياسية رآها بعض الحكوميين تخفي توجهات ضارة.[14] وعلى الجانب الآخر نجد حركة الإخوان المسلمين رغم أنها تأسست على أساس أنها حركة سلفية، وسنية، وثقافية، وسياسية وما إلى ذلك إلا إنهم يصرحون بأنهم لا يطلبون الحكم لأنفسهم فإن وجدوا من الأمة من يستعد لحمل العبء وأداء هذه الأمانة والحكم بمنهاج إسلامي قرآني فهم جنوده وأنصاره وأعوانه، وإن لم يجدوا فالحكم من منهاجهم وسيعملون لاستخلاصه من أيدي كل حكومة لا تنفذ أوامر الله، وهذا المنهج وإن كان أكثر وضوحاً من سابقه في جماعات المغرب إلا إن الفرصة بمجرد إن لاحت نهضت الجماعة وأسست حزبها الخاص سعياً للظفر بمنصب الرئاسة المصرية بعد سقوط نظام حسني مبارك، ولم تنتظر نتائج ما تؤل إليه الأمور بعد الانتخابات وتولي السلطة أحزاب جديدة قد تكون قادرة على تحقيق ما تطمح إليه الجماعة. والباحث يطرح ذلك كأحدث الشواهد على الرغبة بالوصول إلى الحكم وإلا فالشواهد كثيرة ومن ذلك إشارة علي الوصيفي إلى استقواء جماعة الإخوان المسلمين بالغرب وإنه ليس من باب الدعوة إلى الله تعالى، إنما يتمثل بطمأنة الغرب والولايات المتحدة نحو إسلام إخواني ديمقراطي إذا هم وصلوا إلى الحكم.[15] أما بالنسبة لحركة الإخوان المسلمين في سوريا فكانت تهدف إلى الإصلاح الاجتماعي والأخلاقي، ولم تعتبر نفسها حزباً سياسياً، بل كانت تعد نفسها جماعة دعوية، ولكنها انتهت إلى تشكيل حزب سياسي يجمع بين الديمقراطية والرؤية الدينية ليتشكل أول حزب إسلامي في سورية، عارض الكثير من المواقف السياسية السورية، حتى أصدر حافظ الأسد أكثر القوانين صرامة بحق ذلك الحزب وهو ما يعرف بالقانون (49) الذي صدر بتاريخ 8/8/1400هـ 21/6/1980م الذي تنص المادة الأولى منه على اعتباره مجرماً ويعاقب بالإعدام، كل منتسب لجماعة الإخوان المسلمين.[16]
وما يهمني هنا كباحث أن أعترف أولاً أن لكل جهة أو حزب أو فرد ممارسة النشاط الذي يريد ما دام لا يتعارض مع الأنظمة المطبقة في البلد الذي يمارس فيه أنشطته، والأمر الآخر أن أبين حال المقاومة الإسلامية وسعيها إلى المشاركة السياسية بالدخول في عملية التنازع على السلطة والظفر بها كما فعلت حماس ومن قبلها الجبهة الإسلامية للإنقاذ، أو الجلوس على كرسي المعارضة كما هو حال جماعة الإخوان المسلمين في مصر، أو الإقصاء والملاحقة كما هو حال الجماعة في سوريا بموجب القانون (49).
والسؤال الذي يفرض نفسه يتمحور حول معرفة العوامل المسببة لظهور حركات المقاومة، ونجاحها في إثبات نفسها، ولعل الباحث يشير إلى بعض تلك العوامل التي ساعدت المقاومة الإسلامية على البقاء وزادت من شعبيتها في المجتمعات، بل ومكنت لها في عوالم السياسية في غير مناسبة وغير بلد.
أولاً: من المهم أن نتذكر أن كثير من تلك الجماعات ولدت في فترات صراعات سياسية كان التهديد الأبرز للحكومات العربية يتأتى من اليساريين والقوميين، فما كان أمام تلك الحكومات من خيار سوى التمكين لتلك الحركات الإسلامية الفتية ودعمها فتصطاد من خلال ذلك عصفورين بحجر واحد، وكما يقول جيل كيبل[17] فصعود الحركات أعاق اليسارية والقومية المتطرفة من جهة، كما إنه منح الحكومات واجهة إسلامية أرضت من خلالها القاعدة المديدة من المناصرين لتلك الحركات. وفي أحد اللقاءات التلفزيونية[18] معه يشير جيل كيبل إلى أن تلك الجماعات الإسلامية كانوا أقلية موجودة في بعض الجامعات وبعض المناطق الفقيرة خارج القاهرة, ولكن شاهدنا صعود نجمهم في مسارين: فمن جهة كان أنور السادات يدعم تلك الحركات في مواجهة الشيوعيين واليساريين والناصريين, ومن جهة ثانية كانت تلك الحركات تستغل الفرصة لتتغلغل في المجتمع خاصة مجال التعليم. وكشاهد على صحة هذا القول وإثباتاً للدور الذي تلعبه الحكومات نفسها في التمكين للجماعات الإسلامية، لعل الباحث يستشهد بماليزيا كبلد مسلم حالة لا يختلف كثيراً عن بقية البلدان الإسلامية العربية منها وغير العربية، حيث لا يوجد أي نشاط أو مقاومة حقيقية للجماعات الإسلامية في ذلك البلد وهذا يعود إلى الموقف الحازم للحكومة هناك ومبادرتها إلى التحرك بطريقة كفلت لها عدم بروز أي جماعة، وهذا ما تؤكده د. نيفين عبد الخالق، في حديثها عن العلاقة بين الدين والدولة في ماليزيا حيث تشير إلى إن رئيس الوزراء مهاتير محمد[19] سعى إلى خلق بيئة تكفل التعايش المشترك بين كافة الأطياف والبعد عن شعار أسلمة المجتمع الماليزي، مع وقوف الدولة بحزم أمام نفوذ بعض الحركات الإسلامية.[20]
ثانياً: إفساح المجال للجماعات الإسلامية ومنحهم حقوقهم السياسية بتشكيل الأحزاب والترشح للانتخابات وشواهد هذا كثيرة وتأتي الحالة الجزائرية كأبرز تلك الشواهد حيث يذكر مايكل ويليس[21] بأن الجزائر تحولت من حالة الحزب الواحد إلى التعددية الحزبية وذلك بعد الانتفاضة الشعبية عام 1409هـ (اكتوبر1988م). وقد تمكنت الجبهة الإسلامية للإنقاذ من الحصول على مكانة سياسية لم يسبق لحزب إسلامي آخر في المنطقة أن حصل عليها، رغم الظن السائد في الأوساط السياسية والأكاديمية بأن القوى الإسلامية في الجزائر أضعف من سواها في البلدان العربية الأخرى خاصة في مصر وسوريا وتونس.
ثالثاً: من الأمور التي تساعد على زيادة شعبية المقاومة، الحرب الإعلامية التي تشن عليها والتي في ظن الباحث لا ترتكز على حقائق مقنعة، وهو ما كان يحدث حين كانت السلطات السعودية تحارب الجماعات الإرهابية ميدانياً وإعلامياً، وإن كانت حققت نجاحات طيبة في الميدان الأول إلا إنها في بداية الأمر لم تحقق نجاحاً يذكر في المجال الإعلامي بل إن التعاطف الشعبي مع ذلك التنظيم كان يتزايد خاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، ولكن التغير النوعي الذي حدث وتسبب في انقلاب الناس على القاعدة يعود إلى اعتداءاتهم على مبان سعودية حيوية منها وزارة الداخلية ومبنى الإدارة العامة للمرور ومبنى الطواريء وكان الضحايا جلهم من السعوديين، مما أحدث ردة فعل عنيفة لدى الجماهير تجاه التنظيم، ورغم إن تلك الإعتداءات لم تكن الأولى فقد سبقتها تفجيرات العليا عام 1416هـ (1995م) وتفجيرات الرياض الثلاث (جداول، فينيل، الحمراء) عام 1424هـ (2003م) وتلاها تفجيرات المحيا في نفس العام، وتلك رغم إنها حدثت في الرياض إلا إن الحرب الإعلامية تجاهها لم تكن بذاك التأثير لزعم تنظيم القاعدة ذلك الوقت بأن حربه على الأمريكيين وليس على الوطن، ولكن الحرب الإعلامية نجحت بعد أن هيأ لها التنظيم النجاح باعتداءاته الحمقاء على الوطن وأهله ومبانيه الحيوية، مما أيد الطرح الحكومي الذي كانت تنادي به وتسعى لإقناع الناس وتوعيتهم بخطر التنظيمات الإرهابية وإن عملياتها موجهة لمصالح خاصة بها تغطيها بشعارات زائفة يأتي على رأسها إخراج المشركين من جزيرة العرب، وكدليل على الدور الإعلامي المعاكس حين لا يبنى على حقائق ما حدث في الجزائر من حرب إعلامية شعواء بعد ما حققته الجبهة الإسلامية هناك وسعي الحكومة إلى إلصاق تهمة العنف بها، وهذا ما لم ينطلي على الجماهير؛ لعدم استناده على حقائق مما نتج عنه ـ كما يقول أحميدة عياشي[22] ـ تعاطف شعبي مع جبهة الإنقاذ.
رابعاً: مما يساعد على قبول المقاومة وزيادة شعبيتها فساد الحزب الحاكم، فيكون التعاطف ليس حباً في الحركة الإسلامية بقدر ما هو نكاية بالساسة الحاليون، ومنه ما حدث في الجزائر حين يتساءل عياشي[23] فيما إذا كانت الداخلية هناك تلعب بالنار عندما سمحت بتشكيل حزب إسلامي وقبلت دخوله الانتخابات مما أسفر عن مؤازرة الجماهير له نكاية بحزب جبهة التحرير الوطني وانتقاماً من (28) سنة من الهيمنة والمذلة والتهميش أذاقهم علقمها الحزب الحاكم.
خامساً: الاهتمام بالجانب الإعلامي؛ حيث اهتمت الحركات الإسلامية بالجوانب الإعلامية بشكلٍ كبير وسعت إلى إثبات جودها من خلاله مع السعي إلى زيادة حظها منه، ويذكر وضاح شرارة بأن وسيلة الدعاية الخمينية لم تتوقف على المسجد والنادي الحسيني بل توسعت في المجال الإعلامي؛ فمن نشرة تتألف من ثمان صفحات حملت اسم المجاهد غير منتظمة الصدور عام 1402هـ (1982م) إلى شبكة إعلام ونشر لا يضاهيها في لبنان مثيل.[24] كما يلفت أوليفييه روا[25] الأنظار إلى أن المنتمي للأصولية الجديدة يتقن استعمال وسائل الاتصال الحديثة، واللغة، ووسائل الإعلام الرقمية، وتحضر الشعارات التي تنادي بالأمة في الخطب والمحاضرات والأناشيد وفي النقاشات التي لا تنتهي على صفحات الإنترنت، وهذا قد يدفع المناضلين إلى السفر إلى مناطق الصراع.
سادساً: كثيراً ما تنشأ حركات المقاومة في البلدان الأجنبية بسبب سياسات الإقصاء والاستئصال، تلك السياسية التي تسعى إلى إبهار المغترب بثقافتها ومن ثم انصهاره معها مما يترتب عليه تخليه عن ثقافته الأمه واندثارها في نفسه، أما حين لا يحدث هذا فما من سبيل آخرى ـ في نظر بعض المعنيين في تلك البلدان ـ سوى الإقصاء والاستئصال وهذا ينتج عنه كما يقول أوليفييه روا[26] ظهور تضامن ليس بالضرورة حمله هماً دينياً ولكن يوحد صفه عداء الطرف الأقوى وقد حدث في مناسبات كثيرة كما حدث في حرب تحرير الكويت عام 1411هـ (1991م) حيث كان هناك تضامن بين جماعات مختلفة لم يكن يربطها الدين بقدر ما يوحد صفها أنهم جميعاً ضد الإمبريالية وهو تضامن اجتذب الكثير من اللائكيين، كما يشير أوليفييه إلى وجود جمعية في بريطانيا تسمى حركة الشباب الآسيوي تأسست عام 1398هـ (1978م) على أساس هوية العالم الثالث التي تغطي مجموع المهاجرين بغض النظر عن دياناتهم، ولكنها لم تستمر لأسباب دينية.
كيفية تعاطي الحكومات مع المقاومة السلمية:
هناك العديد من الأساليب التي انتهجتها الحكومات في التعاطي مع المقاومة السلمية وإلغاء دورها أو التقليل منه بحسب الأوراق والوسائل المتاحة ومن ذلك ما يلي:
- تأتي سياسية الاحتواء والدمج والإبعاد والإقصاء والحل على رأس تلك الأساليب وهي السياسية أو الأسلوب الذي كان يلجأ إليه الرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين، الذي رغم أنه اعتمدت شعار جمعية العلماء المسلمين (الإسلام ديني، والعربية لغتي، والجزائر بلادي) كشعار وطني للجزائر، كشكلٍ من أشكال الإحتواء والاعتراف بدور الإسلاميين في الصراع من أجل الاستقلال، إلا إنه في ذات الوقت عطل أية محاولة من جانب الإسلاميين للعب دوراً أكثر فاعلية في تكوين الدولة.[27] وهو نفس الفعل الذي كان يتبناه مهاتير محمد في ماليزيا واشرت إليه في المطلب السابق.
- قد تلجأ بعض الحكومات الأجنبية إلى إبعاد بعض من تصنفهم على أنهم راديكاليين أو متشددين خشية تأثيرهم على الجالية المقيمة، والأهم من ذلك كما يقول جيل كيبل منع الفقراء والأقل حظوة اجتماعية من أن يتحولوا إلى التدين ومن ثم تبني العنف والإرهاب[28].
- إنشاء الهيئات الدينية الرسمية التي تتصف بالاعتدال والقادرة على فهم الظروف المحيطة من خلال سعة اطلاعها وإلمامها بقضايا فقهية وسياسية تفوق المقاومة وتفيد في كبح جماحها خاصة أمام عامة الناس، وهو موجود في جميع البلدان الإسلامية تقريباً ويقوم بجهود طيبة في عمليات التوازن بين الحكومة وعامة الناس ومحاولة التصدي للمقاومة، وهذا ما عمدت إليه بعض الحكومات الأجنبية كفرنسا مثلاً التي يذكر أوليفييه[29] بأنها سعت إلى إيجاد هيئة إسلامية رسمية إلا إنها تتناقض مع حركة التفرد وتتعرض لمعارضة من تم استبعادهم من الاختيار ويضع الهيئة في موقف معقد من الموالاة ومن ابتزاز الدولة؛ لأن شرعيتها تستمدها من الدولة وليس من الجماعات الإسلامية.
- تسعى الحكومة إلى استعطاف المقاومة من خلال الإغراء بالمال كما فعلت بريطانيا التي عرضت على مقاتلي حركة طالبان راتباً شهرياً قدره مائة جنيه إسترليني مع احتفاظهم بأسلحتهم، وتذكر صحيفة الصندي تلغراف أن هذه المبادرة جزء من سياسة أقرتها الحكومة البريطانية، وتتضمن عفوا كاملا عن جميع مقاتلي طالبان بما فيهم أولئك الذين قتلوا جنودا بريطانيين، وعدم تقديمهم للمحاكمة ولا التحقيق معهم باستثناء استبياناً يقوم المقاتل بتعبئته يتحدث عن أسباب التحاقه بالعمل المسلح مع طالبان. ولكن السؤال الذي طرح نفسه هل تستجيب المقاومة لمثل تلك الدعوات؟ ليأتي الرد مباشرة من أفغانستان، حيث رفضت الحركة مرارا الدخول في تفاوض مع الاحتلال أو وقف الهجمات عليه قبل رحيله الكامل عن البلاد.[30]
لماذا تتحول المقاومة السلمية التي ترفع شعار الإصلاح إلى العنف؟
هناك العديد من العوامل التي تدفع المقاومة إلى انتهاج العنف كأداة في سبيل الوصول إلى ما تريد وتأتي مسألة تطبيق الشريعة الإسلامية على رأس تلك العوامل ومن ذلك الدعوة التي أطلقها مصطفى بويعلى للجماعات الإسلامية للمطالبة بتطبيق الشريعة الإسلامية في الجزائر عام 1401هـ (1981م) وحينما فشل اتجه نحو العمل المسلح ثم أسس حزبه السري الذي أسماه (الحركة الإسلامية الجزائرية المسلحة).[31]
وجود المحرضين على إخراج عمل المقاومة من السلمية إلى الثورية وإقامة الدولة الإسلامية وهذا لا يتأتى إلا من خلال الجهاد كما يزعم بعض المنظرين المستقلين الذين يطال تأثيرهم كثير من أرباب الحركات السلمية فيؤمنون بهذا المبدأ وينتهجونه خطاً لهم ويأتي على رأس أولئك المنظرين العالم الباكستاني أبو العلاء المودودي، والشيخ عبد اللطيف سلطاني، الذي كان يدعم الوطنية المسلحة ويفتي بالشهادة لمن مات في هذا المضمار.[32] كما لا يُغفل منظر السلفية الجهادية أبو بصير الطرطوسي، حين الحديث عن دعاة العنف، وتقي الدين النبهاني، مؤسس حزب التحرير وهو من أشد الدعاة لمسألة دار الإسلام ودار الحرب خاصة الأخيرة التي يراها كذلك حتى يحكمها المسلمون بغض النظر عن سكانها هل هم مسلمون أو كفار ويجب قتالهم حتى يذعنوا لحكم الإسلام.[33] وهي نفس الأفكار التي ينادي بها منظر تنظيم القاعدة في ما يسمى بجزيرة العرب “أبو جندل الأزدي” فارس الزهراني، الذي يقول في سلسلة العلاقات الدولية: “لابد أن يحكم الإسلام حياة البشرية فلا يترك كبير ولا صغير إلا وهو محل تطبيق ويستشهد بقوله تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} (39) سورة الأنفال، فإن كان بعض الدين لله وبعضه لغير الله وجب القتال حتى يكون الدين كله لله”.[34] وهي بالمناسبة نفس المقولة التي يرددها المنظرين من قبله كسيد قطب وعبد الله عزام وغيرهم.
ومن دواعي تحول المقاومة السلمية إلى حركة عنف عدم قناعة العسكر ورفضهم انتصار المقاومة في الانتخابات الديمقراطية وانقلابهم عليها وقد يتبع ذلك قيامهم بحل الحزب والقبض على أبرز رموزه وهذا السبب الرئيس في أعمال العنف التي اندلعت في الجزائر حيث يشير مايكل ويليس إلى إنه بعد نجاح جبهة الإنقاذ في الجولة الأولى للاقتراع في الانتخابات التشريعية التي جرت بتاريخ 20/6/1412هـ الموافق 26/12/1991م وهي نتائج وضعتها على عتبة أغلبية ساحقة في انتخابات المجلس الوطني فيما لو استكملت الجولة الثانية التي كان مقرراً لها أن تجرى بعد عشرين يوماً من سابقتها، إلا إن قادة الجيش أرغموا الرئيس الجزائري ذلك الوقت الشاذلي بن جديد على الاستقالة وبدأ بتصفية الجبهة الإسلامية للإنقاذ بعد أن ألغيت الجولة الثانية، مما نتج عنه صراعات مسلحة دموية عنيفة شارك فيها جماعات مسلحة منهم أعضاء في الجبهة بالإضافة إلى بعض أتباع تنظيم بويعلي السري وبعض العائدين من الجهاد الأفغاني.[35]
قد تكون الحكومة هي من يحاول دفع المقاومة إلى العنف؛ بغرض إيجاد المبررات لقمعها ولتحجيم شعبيتها أمام الجماهير والأهم صرفها عن العمل المدني والديني الذي يحقق لها المكاسب التي تريد، ويذكر الدكتور عبد الكبير المدغري: بأنهم لاحظوا أن السلطات الأمنية المغربية كانت تدفع باتجاه المواجهة واللجوء إلى العنف من خلال اعتقال بعض المنتسبين لتلك الحركات الإسلامية، وهو ما يحقق لتلك السلطات رغباتها من خلال تحول بعض الإسلاميين إلى العنف.[36] كما إن بعض الحكومات قد تسعى إلى إشعال نار الفتنة ومن ثم الحرب بين طرفين يتعايشان بشكل سلمي رغم ما بينهما من خلافات إلا إن تلك الحكومات قد تلجأ إلى إذكاء العداء بينهما لأسباب وعوامل خاصة مختلفة، ويذكر وضاح شرارة[37] بأن الحكومة السورية بعد اجتياحها جنوب لبنان سعت إلى تسعير العداء بين الشيعة والفلسطينيين، مما نتج عنه تحول الحركة الصدرية[38] من حركة مطلبية “محرومين” إلى ميليشيا طائفية مسلحة.
وقفة حول المقاومة بين الواقع والمأمول(2):
هناك من يرى أنه ما كان يجدر بالحركات الإسلامية الدخول في صراعات من أجل السلطة ومنهم الدكتور الأنصاري الذي يقول: إن العمل الإسلامي بالمغرب كان عطاؤه جيلاً من الخيرات والبركات، ثم جاء الحزب السياسي فأتى على ذلك جميعاً” ويشير إلى إنها لو اشتغلت بالدعوة في كافة الميادين بدءاً بالمسجد مروراً بالمعمل والإدارة والتعليم والإعلام والاقتصاد، حتى تأتي على الأحزاب السياسية فتؤثر بها وتجعلها تطبق ما يمكن من برامجها السياسية، لكان ذلك أجدى.[39] وهو ما يحذر منه الدكتور المدغيري[40] وينبه إلإسلاميين إلى عدم التسرع في الوصول إلى الحكم؛ لأنهم متى وصلوا للحكم في ظل الظروف الراهنة فلن تكون سوى حكومة اسمية ملتحية وليست حكومة إسلامية حقيقية وستعمل بالتشريع الوضعي وستلعب لعبة الديمقراطية وستتعامل بالربا ومبررات كثيرة ساقاها الكاتب تصب في محصلتها النهائية في خانة الإساءة إلى الإسلام وليس الإحسان إليه، ويرى أن هذا من الاستعجال قبل اكتمال الأدوات وهو ما يسميه الباحث الاستعجال في قطف الثمار وأراه من سلبيات واقع المقاومة الإسلامية المعاصرة وسآتي عليه في النقطة التالية.
استعجال قطف الثمار، وهذا تكرر كثيراً وأبرز صورة المعاصرة استعجال ما يسمى بالصحوة في السعودية التي برزت في التسعينات من القرن الهجري الماضي (السبيعينات ميلادية) واشتد عودها ثم بلغت ذروتها أثناء وبعد غزو العراق للكويت، إلا إن استعجال بعض الرموز في قطف الثمار وتهجمهم على الدولة ومعارضتهم الاستعانة بالقوات الأجنبية لصد الاحتلال العراقي، رغم صدور فتوى هيئة كبار العلماء بجواز ذلك، ثم إصدار مذكرة النصيحة والتحريض على الدولة في بعض المساجد كل ذلك أجبر الجهات المعنية على التصدي لتلك التحركات التي رأتها تخل بالأمن ولا تتماشى مع النهج الديني والسياسي الذي خطته المملكة لنفسها ودعمت الصحوة حين كانت تسير بمحاذاته. ونفس الشيء ينطبق على بقية الحركات الإسلامية ومنها في المغرب التي يصفها الدكتور فريد الأنصار بالتجربة السياسية الفاشلة بسبب استعجال الإسلاميين هناك قطف ثمرة لم يأت وقت قطفافها؛ فتجرعوا مرارة فاكهة لم تنضج بعد.[41]
تشنج المواقف والتشبث ببعض الشعارات التي تنادي بها بعض الحركات الإسلامية والتي تحتاج إلى وقت لتهيئة الوقت اللازم والظروف الملائمة لها كما هو الحال في من ينادي بالخلاف على المنهاج النبوي، أو أولئك الرافضين لفكرة الديمقراطية ويرون بأنها تخالف الإسلام، أو حتى أولئك الذي يذهبون إلى الإقصاء والتكفير واستخدام العنف في كل مناسبة، كل أرباب تلك الأساليب من التفكير ما رأيناهم جنوا في النهاية غير الحسرة والندامة بسبب تشبثهم ببعض تلك الأفكار والمتأمل منهم أن ينتهجوا المرونة كما فعل حزب العدالة والتنمية التركي عام 1423هـ (2002م) حين أعلن عن تخليه عن بعض شعارات حزب الرفاه المنحل بأمر المحكمة الدستورية هناك حيث رفع شعارات متماشية مع ما يريد المتنفذون في الدولة خاصة من قادة الجيش وعلى رأس تلك الشعارات تحقيق الديمقراطية، وعلمانية الدولة، بل إن رجب طيب أردغان كان يردد بسيرهم على النهج الأتاتوركي[42]، وهذه الطريقة مكنت للمقاومة التركية التي ألغي حزبها وسجن بعض قادتها من أن تستعيد البساط وتستلم زمام الأمور في أقل من عقدٍ من الزمن، وكل ذلك أتى بعد أن التزم قادة الحزب بالمنهج المرن الذي يمكنهم من نيل المراد وقد يأتي التغيير فيما بعد، وهذا هو النهج الرباني والنبوي في التغيير ولنا في التدرج بتحريم الخمر في الآيات القرآنية دلالة، ونفس الشيء في طريقة تعاطي محمدٍ عليه السلام مع كفار قريش وأصنامهم حيث استمر يدعو الناس إحدى وعشرين سنة وأكثر من (360) صنام تحيط بالكعبة دون أن يتعرض إليها ولكن حين مكن الله له قام بإحداث التغيير الكامل ولعل القاريء الكريم يتصور طواف النبي ـ عليه السلام ـ وأصحابه ـ رضوان الله عليهم ـ بالكعبة في السنة التي تلت صلح الحديبية وهم يشاهدون الأصنام، دون أن يتعرضوا لأي منها مع أنهم يعلمون الموقف الشرعي منها، وهو نفس الشيء الذي يجب أن يؤمن به أرباب المقاومة الإسلامية في كل مكان وأن يتماشوا بموجبه والأهم أن يربوا أتباعهم عليه.
المبحث الرابع
حق المقاومة الزائف للجماعات الإرهابية
قبل أن أتحدث عن الجماعات الإرهابية، لابد أن أبين أن تلك الجماعات تقاوم بطرق شتى وجهودهم واضحة في هذا المجال، ولكن الباحث يرى زيف الحق بمعنى أنهم يزعمون أنهم على حق وما هم كذلك {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًاÇÊÉÌÈالَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًاÇÊÉÍÈ}[43] والتوضيح هنا مهم كي لا يفسر إستعراض الباحث لهذه الفئة بأنه شكل من أشكال المقاومة المحمودة، بل إنه ليس لتلك الجماعات ولا لغيرها حق استخدام العنف ضد إخوانهم من المسلمين بغض النظر عن حالهم، إلا حين تتوافر شروط معروفة بينها العلماء الربانيون، وليس استعراضها مجال الحديث هنا، ولكن الباحث يؤكد على أنه لا يمكن أن يعد مقاوماً من يتنطع وينادي ويعلن للملأ أن جميع حكومات بلاد المسلمين اليوم مرتدة كافرة لتبديلها الشرائع وحكمها بغير ما أنزل الله وولائها للكفار وخيانتها لله ورسوله والمؤمنين.[44] حتى وإن ردد ونادى بالمقاومة، فهي منه براء.
وسبق للباحث أن كتب حول تلك الجماعات خاصة في مجالات أنشطتهم الإعلامية وأساليبهم في التجنيد ودواعي إصدار مادتهم الإعلامية وغيرها من الجوانب المتعلقة بتلك الجماعات[45]، أما هنا فيسعى الباحث إلى الحديث عن تلك الجماعات من حيث طرق وأساليب التفكير الخاصة بهم، ثم وقفات يسيرة مع واقع تلك الجماعات وما هو مأمول منهم.
أساليب التفكير الخاصة بالجماعات المسلحة:
- إعلان الحرب على المخالفين واستباحة دمائهم بغض النظر عن انتمائاتهم وهذا حدث وما يزال يحدث ومنه قيام الجماعات المسلحة في الجزائر بقتل الشيخ عبد الباقي الصحراوي، أحد كبار قياديي الجبهة ومعلن تأسيسها عام 1409هـ (1989م) بعد أن غادر إلى باريس بعد تعطيل الانتخابات وقتل وهو يصلي في أحد مساجدها عن عمر يناهز الخامسة والثمانين عاماً، ويبدو أن سبب قتله رفضه نقل أعمال العنف إلى فرنسا رغم إنه أعلن الجهاد في الجزائر، كما قتلوا الشيخ محمد سعيد، زعيم ما يسمى بالجزأرة والذي صار أحد قياديي الجبهة الإسلامية للإنقاذ.[46]
- معاداة بعض المفاهيم السياسية الغربية كالديمقراطية والليبرالية والرأسمالية وتكفير من يتعامل بها وكشاهد على ذلك رأي عبد القديم زلّوم أنه يجب على المسلمين أن ينبذوا الديمقراطية نبذاً كلياً؛ فهي رجس، وهي حكم طاغوت، وهي كفر، وأفكار كفر، وأنظمة كفر، وقوانين كفر، ولا تمت للإسلام بأية صلة، ولا يجوز احترامها ولا التعاطي معها؛ لأنها تخالف الإسلام.[47]
- مصادرة آراء الجماهير وفرض الآراء عليهم قسراً، وهذه وإن كانت سمة ليست خاصة بالمقاومة العنيفة بل بكافة الحركات على اختلاف منهجياتها الثقافية، إلا إنها تبرز بشكل أكبر لدى المقاومة العنيفة وهذا ما تشير إليه هيئة التحرير في مركز أسبار في قراءتها لكتاب الديمقراطية نظام كفر لمؤلفه عبد القديم زلّوم، حيث تذكر: “إنه منذ أول كلمة في الكتاب يطالعنا حكمه مصادراً لقارئه ولعقله في منطق عقلانوي يمارس به العقل التبرير والذرائعية دون أن يمارس التفكير النقدي الحر؛ فهو يتحرك في كتابه وفق ما يسميه ميشيل فوكو “إرادة الهيمنة” وليس إرادة المعرفة” كما يشير باترك هايني[48] إلى جمود أصاب التدين النضالي الذي تروج له وتلتزمه حركات الإسلام السياسي التي بلغت شيخوختها وأصيبت بالتكلس الفكري وفرض الوصاية والقسوة التنظيمية على المنخرطين فيها؛ مما نتج عنه هروب بعض الكوادر ونفور عددٍ من المتعاطفين.
- الموالاة للبعيد الداعم ضد القريب المختلف في المنهج أو المذهب وهذا يتكرر كثيراً وهو ربما يكون بسبب اتفاق المصالح كما يحدث مع تنظيم القاعدة وتحالفاتهم المتكررة مع إيران، أو بسبب المرجعية الدينية وهو ما يظهر في حالة حزب الله الشيعي المسلح وولائه لإيران وقد صرح بذلك أمين الحزب حسن نصر الله في أكثر من مناسبة، وهناك من يتخوف من أن الشيعة والمقاومات الشيعة بشكل أخص تعطي الولاء لإيران أكثر مما تعطيه البلد الذي تنتمي إليه، وقد حذر من ذلك الرئيس المصري السابق حسني مبارك.[49]
- ازدواجية المعايير فقد يطعنون بشخصيات إسلامية ناصعة الصورة كما هو الحال في اتهام منظر تنظيم القاعدة فارس آل شويل، لمحمد الفاتح ـ رحمه الله ـ بأنه صوفي قبوري وأن فتحه للقسطنطينية ليس هو الفتح المقصود، وبالمقابل يمجدون من يقومن بالأعمال الإرهابية ويبررون لهم بدءاً من زعماء التنظيمات الإرهابية مروراً بالأعضاء ونشر سيرهم وتزكيتهم وإظهارهم بمظهر المجاهدين المخلصين وحتى التبرير لعمليات القتل وإراقة الدماء التي يرتكبونها بحجج واهية كالتترس وغيرها. ويذكر الدكتور المدغيري بأنه من خلال دراسته للجماعات الإسلامية في المغرب وجد أن من عيوبها ما يسميه بازدواجية المواقف لدى بعضهم فيقول: “أما أن يستمر الإسلاميون بالادعاء بأن الإسلام دين سلم وسماحة ويأتون بالآيات والأحاديث الدالة على ذلك، وفي نفس الوقت يمارسون العنف باسم الإسلام فيأتون بالآيات والأحاديث التي تبيح ذلك، فهذا هو العبث.[50] والشواهد كثيرة أيضاً منها ما أشرت إليه في حديث علي بابير[51] من استخدام العنف بحق المخالف واستشهاده بأن ذلك ممكناً في حال وجود دولة وتعدي شخصيات على تلك الدولة بنقض العهد الذي معها فإنه في هذه الحالة يجوز قتل ناقض العهد، ثم يبرر لنفسه ولجماعته قتل بعض رؤوس حزب البعث وأنه من باب قوله تعالى: {وَإِن نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ }[52] رغم عدم وجود الدولة التي اشترطها لاستخدام القوة مع من ينقض العهد.
- تغييب القيادات العلمية وإبراز ذوي الفتاوى المتماهية مع توجهاتهم وأهدافهم، ولا يكتفون بذلك بل يصل بهم الأمر إلى مهاجمة العلماء الربانيين ورميهم بأنهم علماء السلاطين والجهلة بفقه الواقع وغيرها من صفات الذم والقدح في سبيل التأثير على قيمة أولئك الرموز في نفوس الشباب والحط من قدرهم ومكانتهم لديهم؛ مما يتحصل منه ـ كما يطمحون ـ هجران الشباب للعلماء المعروفين واتباع منظري التنظيمات الإرهابية، وقد تحدث قريباً من ذلك الدكتور الأنصاري[53] وسماه استصنام الشخصانية المزاجية، ويقصد من ذلك تصدي الزعامات اللاعلمية لقيادة العمل الإسلامي وذلك على المستوى العالي والمتوسط من العمل الإداري مما يترتب عليه قيام تلك القيادات برسم معالم السير الحركي بناء على مزاجها وليس بناء على قواعد العلم وأولوياته الشرعية.
- المثالية المتطرفة في بعض المطالب ويأتي على رأسها إحياء الخلافة على منهاج النبوة، وإن كان الباحث على يقين بتحقق ذلك كما وعد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلا إنه يرى أن المطالبة بتحقيقه في هذا الوقت وسط الظروف المحلية والدولية الراهنة لا يمكن، وهو ضربٌ من المثالية المتنطعة التي لا يمكن أن تجلب نفعاً، ولو أن تلك الجماعات التي تنادي بإقامة الخلافة وفقاً للنهج النبوي بادرت إلى إصلاح حالها وحال أفرادها وحال المجتمع المحيط بعيداً عن دهاليز السياسة وهذا العمل لا يتأتى في عقدٍ ولا عقدين بل قد يتطلب الأمر خمسة عقود؛ ولهذا يعود الباحث إلى مسألة الاستعجال في قطف الثمار وهو ما يصور حال بعض قادة تلك الجماعات ممن لا يريد أن يعمل خفية فينساه التاريخ بل يريد بعضهم أن يخلد ذكره كما هو حال صلاح الدين وابن تاشفين وغيرهم من القادة الذين انتشلوا الأمة متناسين أن الظروف الدولية في تلك الحقبة خدمت أولئك الأفذاذ، وهي نفسها التي تهيئ للجماعات الإسلامية مناخات للعمل، ولكن بأساليب مختلفة تتطلب الكثير من الوقت ومعه كثير من التخطيط والعمل والجهد والإخلاص وأجيال من القادة والمصلحين والمفكرين ولكن حين نأتي لمسألة الأجيال نشعر أن المشكلة تبدأ وتنتهي هنا. والقادة المنادين بالمثالية كثر ومنهم على سبيل المثال لا الحصر الشيخ عبد السلام ياسين، زعيم جماعة العدل والإحسان المغربية الذي يدعو إلى إقامة خلافة على منهاج النبوة ينتقده في مطلبة الدكتور المدغري[54] مفنداً ذاك المطلب بأنهم إما أن يكتفوا من الحكومة الإسلامية بالاسم فقط ومن المنهج النبوي بالشعار، وحينها لا يكون لخلافتهم أي مبرر وسيكونون بمثابة الورم أو الحدبة في ظهر الدولة، أو أن يقوموا بتقديم تصور واضح وهيكلة وبناء دستوري للخلافة على منهاج النبوة مع توافر الظروف والمناخ الدولي الذي يسمح بذلك. وهذا ما أسلفت الإشارة إليه من أن الفكرة قابلة للتحقيق ولكنها تحتاج إلى الوقت ويعيقها عوامل داخلية محلية وخارجية دولية لا يمكن إصلاحها في عددٍ محدود من السنين.
- التركيز على الفرد ومخاطبته عوضاً عن الجماعة، كما أنه ليس كل فرد يصلح للتجنيد حيث لابد أن تتوافر فيه مواصفات كثيرة منها الحماسة للدين، وقلة المعرفة، وقد تكون حداثة السن أو حداثة الالتزام الديني، كما يجدر الإشارة إلى ما ذكره أوليفييه روا[55] من أن تلك الجماعات تركز على الفرد المجرد المقطوع من كل عصبة وثقافة ويعيش في الضواحي ويعاني من الفشل الاجتماعي بعد تركه مقاعد الدراسة، حيث يتم تجنيد تلك الفئة كما يقول أوليفييه وإرسالهم ليقاتلوا في أفغانستان والبوسنة، وقد يتم تحويلهم إلى وجهات أخرى كدول المغرب مثلاً.
وقفة حول المقاومة بين الواقع والمأمول(3):
يلاحظ بأنه كمطلب لبعض أطراف المقاومة وخاصة المقاومة المسلحة في طريق تغيير حال المسلمين وإقامة الخلافة الإسلامية، نهجها سبيل العنف بل إنهم لا يرون إمكانية ذلك دون المواجهة العسكرية، وهذا فيه دلالة على عدم فهم تلك الجماعات للجهاد وعدم إحاطتها بمراحل تشريعه، وكما يقول الدكتور ياسر برهامي بأن تشريع الجهاد مر باربعة مراحل: الكف والإعراض والصبر على الاذى، ثم إباحة القتال من غير فرضية، ثم فرض القتال على المسلمين لمن يقاتلهم فقط، ثم قتال الكفار ابتداءاً. ويرى برهامي أن بعض تلك الجماعات قد أنكر المرحلية بالكلية؛ بسبب سوء فهمه لمسألة النسخ، والصحيح أن المرحلية يجب أن تكون حاضرة كما يقول ابن تيمية: “فمن كان من المؤمنين بأرض هو فيها مستضعف أو في وقت هو فيه مستضعف فليعمل بآية الصبر والصفح والعفو عمن يؤذي الله ورسوله (المرحلة الأولى)، وأما أهل القوة فيعملون بآية قتل ائمة الكفر الذين يطعنون في الدين (المرحلة الرابعة).[56] ولكن ما يؤسف له أن كثير من أعضاء المقاومة المسلحة لا يؤمنون بهذا المبدأ بل يرون حقهم في استخدام العنف إحياءً لشعيرة الجهاد المزعوم وإلا فالجهاد الشرعي هم أبعد الناس عن فهمه والتماشي به ويعلمون أن من أول شروطه موافقة ولي الأمر.
التوصيات
- التأكيد على أهمية التوعية الإعلامية بمفهوم المقاومة، والتحذير من استغلالها من قبل بعض الجماعات الإرهابية؛ بغرض إضفاء الشرعية على أفعالهم.
- أهمية الحوار النزيه والموضوعي مع المقاومة السلمية وعدم تهميشها أو إقصائها.
- دعم مسألة التعايش بين الأطراف المختلفة، وتعزيزها بما يكفل حق العيش الكريم لكل طرف.
- دعم الدعاة المعتدلين المستقلين وتوجيههم نحو التركيز على مواضيع الاعتدال والوسطية والمواطنة الصالحة وندبها والتشجيع على طرحها بأساليب عصرية تناسب عقليات الأجيال الشابة.
- أهمية تربية الأجيال الجديدة على المضامين الأساسية للإسلام ومن ذلك الدعوة إلى الله والمجادلة بالحسنى والبعد عن العنف.
- توعية الرأي العام بمفهوم الدولة وأن الغرض منها ليس اقتسام المنافع وتعظيم الذوات، بل هي الإطار النظامي والقانوني الوحيد الذي يكفل لجميع الأطياف حق العيش وحرية الكلمة.
[1] من الآية (251) سورة البقرة.
[2] من الآية (40) سورة الحـج.
[3] هذا التعريف قد يكون فيه تبرير لتصرفات بعض الحكومات واستخدامها العنف ضد شعوبها المطالبين ببعض الحريات، وهو ما يستدركه في موضع آخر من البحث، أشرت إليه في موجزه ومنه قوله: ” بأنه في حال استخدم أحدهم (الدولة، المقاومة) العنف مما يحدث التخريب والدمار والقتل فإن ذلك يكون فعلاً مرفوضاً، وهذا يدخل في إطار الإرهاب”.
[4] الآية (27) سورة هود.
[5] الآية (9) سورة القمر.
[6] الآية (116) سورة الشعراء.
[7] الآية (39) سورة الذاريات
[8] الآية (127) سورة الأعراف.
[9] الآية (4) سورة البروج.
[10] الآية (29) سورة الطور.
[11] علي بابير، مسائل عصرية تقييم شرعي، قراءة د. رشيد الخيون، ضمن كتاب خلاصات أهم ما كتب عن الجماعات الإسلامية، مركز المسبار، دبي، 1432هـ (2011م). ولابد أن أشير هنا إلى إنه على الرغم من جودة الطرح وسلامة = =الاستدلالات التي قال بها بابير إلا إنه هو نفسه لم يعمل بها حيث يترأس جماعة كردية مسلحة ارتكبت عدداً من الاغتيالات بحق بعض رموز حزب البعث العراقي أيام صدام حسين مستدلاً بآية نكث العهد {وَإِن نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ } (12) سورة التوبة، على الرغم من أنه أشار إلى أن الرسول ـ عليه السلام ـ ما أمر بقتل من نقض العهد إلا حين أساس دولة الإسلام في المدينة.
[12] صحيح مسلم، كتاب الجهاد والسير، باب صلح الحديبية (1785).
[13] د. فريد الأنصاري، الأخطاء الستة للحركة الإسلامية..انحراف استصنامي في الفكر والممارسة، منشورات دار القرآن، مكناس، 1428هـ (2007م).
[14] مايكل ويليس، التحدي الاسلامي في الجزائر الجذور التاريخيه والسياسيه لصعود الحركه الاسلاميه، ترجمه عادل خيرالله، شركه المطبوعات للتوزيع والنشر، بيروت، 1419هـ (1999م).
[15] علي السيد الوصيفي، الإخوان المسلمون بين الابتداع الديني والإفلاس السياسي، دار المشارق الإسلامية، مصر، 1431هـ (2010م).
[16] يمكن الاطلاع على القانون من خلال زيارة موقع الإخوان المسلمين بسوريا http://www.ikhwansyria.com
[17] د. جيل كيبل، جهاد .. انتشار وانحسار الإسلام السياسي، ترجمة: نبيل سعد، دار العالم الثالث، القاهرة، 1425هـ (2005م).
[18] حاوره تركي الدخيل في برنامج إضاءات عرضته قناة العربية بتاريخ 24/2/1429هـ الموافق 2/3/2008م.
[19] يجدر الإشارة هنا إلى إن مهاتير محمد لم يستخدم الأسلوب القمعي في كبح جماح الحركة الإسلامية، بل كان يسعى إلى الموازنة بحيث لا تكون الغلبة لطرفٍ على آخر، وهذا ما يؤكده تقرير التنمية البشرية لعام 2004م الذي كان يؤيد مهاتير محمد في سياسته تجاه الهوية الثقافية، ويذكر التقرير بأن عدداً من المنظرين والسياسيين من جميع التوجهات ضد الاعتراف الصريح بالهويات الثقافية، أو العريقة أو الدينية؛ وكانت النتيجة في الغالب هي قمع تلك الهويات، كجزء من سياسات الدولة عبر الاضطهاد الديني والتطهير العرقي، وكذلك من خلال التمييز الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، ويضيف التقرير بأن الحرية الثقافية جزء حيوي من التنمية البشرية؛ لأن تمكن الإنسان من اختيار هويته دون خسارة احترام الآخرين أو التعرض للاستبعاد من خيارات أخرى، شرط هام للعيش حياة كاملة؛ وهذا ما أدركه مهاتير محمد مبكراً، وقام به. (بوابة كنانة) www.kenanaonline.net
[20] د. كمال المنوفي، ود. جابر عوض، النموذج الماليزي للتنمية، برنامج الدراسات الماليزية، جامعة القاهرة، 1426هـ (2006م).
[21] مايكل ويليس، التحدي الاسلامي في الجزائر الجذور التاريخيه والسياسيه لصعود الحركه الاسلامية (مرجع سابق).
[22] أحميدة عياشي، الإسلاميون الجزائريون بين السلطة والرصاص، دار الحكمة، الجزائر، 1412هـ (1991م).
[23] أحميدة عياشي، الإسلاميون الجزائريون بين السلطة والرصاص(مرجع سابق).
[24] وضاح شرارة، دولة حزب الله لبنان مجتمعاً إسلامياً، دار النهار للنشر، بيروت، 1426هـ (2006م).
[25] أوليفيه روا، نحو إسلام أوروبي، ترجمة وتحقيق خليل أحمد خليل، معهد المعارف الحكمية، بيروت، 1431هـ (2010م).
[26] أوليفيه روا، نحو إسلام أوروبي(مرجع سابق).
[27] مايكل ويليس، التحدي الاسلامي في الجزائر(مرجع سابق).
[28] جيل كيبيل، الفتنة..حروب في ديار المسلمين، ترجمة وتحقيق: نزار أورفلي، دار الساقي، بيروت، 1425هـ (2004م).
[29] أوليفيه روا، نحو إسلام أوروبي(مرجع سابق).
[30] موقع المسلم بتاريخ 1/1/1433هـ الموافق 26/11/2011م، نقلاً عن صحيفة الصندي تلغراف البريطانية.
[31] مايكل ويليس، التحدي الاسلامي في الجزائر الجذور التاريخيه والسياسيه لصعود الحركه الاسلامية(مرجع السابق).
[32] أحميدة عياشي، الإسلاميون الجزائريون بين السلطة والرصاص(مرجع سابق).
[33] عبد القديم زلّوم، نظام الحكم في الإسلام، منشورات حزب التحرير، الطبعة السادسة، 1422هـ (2002م) صدرت الطبعة الأولى عام 1372هـ (1953م) لتقي الدين النبهاني مؤسس الحزب.
[34] فارس بن أحمد آل شويل الزهراني، سلسلة العلاقات الدولية في الإسلام، الحلقة الأولى، مركز الدراسات والبحوث الإسلامية.
[35] مايكل ويليس، التحدي الاسلامي في الجزائر(مرجع السابق).
[36] د. عبد الكبير العلوي المدغري، الحكومة الملتحية، دراسة نقدية مستقبلية، دار الأمان للطباعة والنشر والتوزيع، الرباط، 1427هـ (2006م).
[37] وضاح شرارة، دولة حزب الله(مرجع سابق).
[38] تأسست حركة أمل تحت مسمى حركة المحرومين بعد دعوة موسى الصدر المواطنين اللبنانيين إلى تشكيل مقاومة لبنانية تتصدى للاعتداءات الإسرائيلية، وذلك في خطاب ألقاه بتاريخ 10/1/1395هـ الموافق20/1/1975،.
[39] د. فريد الأنصاري، الأخطاء الستة للحركة الإسلامية(مرجع سابق).
[40] د. عبد الكبير العلوي المدغري، الحكومة الملتحية(مرجع سابق).
[41] د. فريد الأنصاري، الأخطاء الستة للحركة الإسلامية(مرجع سابق).
[42] د. جان ماركو، د. مصطفى اللباد، وآخرين، إسلاميون وديمقراطيون..إشكاليات بناء تيار إسلامي ديمقراطي، مركز الأهرام للدراسات، القاهرة، 1425هـ (2004م).
[43] الآيتين رقم (103)(104) سورة الكهف.
[44] عمر عبد الحكيم (أبو مصعب السوري)، دعوة المقاومة الإسلامية العالمية، 1425هـ (2004م).
[45] انظر بحث بعنوان: استراتيجية الفئات الضالة الإعلامية وآلية مواجهتها، 1430هـ (2009م). وبحث آخر بعنوان: طرق وأساليب التنظيمات الإرهابية الحديثة، 1432هـ (2011م) د. فهد بن عبد العزيز الغفيلي،
[46] مايكل ويليس، التحدي الاسلامي في الجزائر الجذور التاريخيه والسياسيه لصعود الحركه الاسلامية(مرجع السابق).
[47] عبد القديم زلّوم، الديمقراطية نظام كفر.. يحرم أخذها أو تطبيقها أو الدعوة إليها، منشورات حزب التحرير، 1410هـ (1990م) كتاب رقمي منشور على الإنترنت.
[48] باتريك هايني، إسلام السوق..الثورة المحافظة الأخرى، سوي ـ جمهورية الأفكار، 1426هـ (2005م). مراجعة عبد الرزاق سعيد بلعباس.
[49] ولي نصر، صحوة الشيعة..كيف تشكل الصراعات داخل الإسلام وكيف سترسم صورة المستقبل، ترجمة سامي الكعكي، دار الكتاب العربي، بيروت، 1428هـ (2007م).
[50] د. عبد الكبير العلوي المدغري، الحكومة الملتحية(مرجع سابق).
[51] أشرت إلى ذلك في المبحث الثاني (وقفة حول المقاومة بين الواقع والمأمول).
[52] (12) سورة التوبة.
[53] د. فريد الأنصاري، الأخطاء الستة للحركة الإسلامية(مرجع سابق).
[54] د. عبد الكبير العلوي المدغري، الحكومة الملتحية(مرجع سابق).
[55] أوليفيه روا، نحو إسلام أوروبي(مرجع سابق).
[56] د. ياسر حسين برهامي، الدعوة السلفية ومناهج التغيير الإسلامية الأخرى، مقالة مطولة نشرت في كتاب صوت الدعوة، دار الهدى السلفية، الإسكندرية، 1412هـ (1992م).