هذا المعتقد مع الأسف موجود عند كثير من الناس ويعتقدون أن منع الشيء هو الطريقة المثلى لحماية الناس منه، وهذا الكلام غير صحيح على الإطلاق، ويمكنني القول هنا إن المنع هو الوسيلة الأسهل ولكنها بالتأكيد لن تكون الأفضل، وأخالني لا أبالغ حين أقول إنها الأسوأ، فهي بكل بساطة حيلة العاجز، فبدلاً من محاولة توعية المجتمع وتثقيفه بالإيجابيات والسلبيات لمنتج أو برنامج أو مشروع يقوم بعض المسؤولين بمنعه، وعلى سبيل المثال حين تأتي لأحد شوارع الرياض تجد نفسك مضطراً أن تسير مسافة تزيد عن الكيلو الواحد لتأخذ المسار المعاكس، وسوف تلاحظ أنك تمر بالعديد من الفتحات المغلقة مما يعني أن من قام بتصميم الطريق أخذ بالحسبان أهمية إيجاد عدد من المخارج والمنافذ التي تعين مرتادي الطريق وتسهل عليهم استعماله.
إلا أنه وحين يقع حادث مروري واحد تجد المسؤولين عن الطريق قد أغلقوا ذلك المنفذ، وحين تسأل لماذا؟! تأتيك الإجابة المحزنة إنها وضعت منعاً لتكرار الحادث مرة أخرى، والمشكلة أن مثل هذا الحادث لا يتكرر بصفة شبه يومية مثلاً لتلتمس لهم العذر في ذلك بل مرة في خمس سنوات ويقع مثله وأشد على الطرق السريعة ولكنهم هنا أرادوا أن يرتاحوا من عناء الانتقال إلى الموقع وكتابة تقرير الحادث وغيرها من الإجراءات الإدارية وفضلوا إغلاق المنفذ ولسان حالهم يقول:”الباب الذي يأتيك منه ريح سدّه وأستريح” متناسين في ذات الوقت أنهم بإجرائهم ذاك قد ارتكبوا ثلاثة أخطاء لا مبرر أو مسوغ لها:
الأول: عاقبوا مجتمعاً بأكمله بسبب خطأ ارتكبه شخص أو اثنان.
والثاني: أنهم تسببوا في ازدحام المنفذ الوحيد الذي جعلوه الوسيلة الوحيدة لأخذ المسار المعاكس مع أنه في الأصل وضع ليخدم أغراضاً أخرى.
أما الخطاء الثالث: وهو الأكثر إيلاماً فإنهم كافئوا المستهترين والمتهورين من السائقين وشجعوهم على زيادة السرعة دون رقيب أو حسيب، وهذا مع الأسف كان غائباً عن أذهانهم ولم يفكروا به على الإطلاق، ولكنهم حين أرادوا الحل اختاروا أسهلها وليس أفضلها لأن أي حل يؤدي إلى سلبيات مضرة لا يسمى حلاً بل حيلة عاجز أو متكاسل!!.
فهد عبدالعزيز الغفيلي