القوة العظمى

القوة العظمى د. فهد الغفيلي

ليس هناك معيار محدد للقوة، ومن يظن بأنه يمتلك القوة التي تكفل له المهابة التي “يريد” فهو فربما يكون قوياً تلك اللحظة أو ذاك الزمن طال أو قصر، فلو نظرت إلى طفل للتو جاوز سنته الأولى وكيف يزهو لمجرد قدرته على تحصيل ما بيد من حوله من الرضع. ومثله البقية من المخلوقات بدءاً من الأشخاص مروراً بالأحزاب حتى الدول، التي يظن بعضها أن قوتها لا تقهر، دون أن تدرك أن بها من الضعف ما الله به عليم، ولكن لا يدرك هذا الضعف إلا من تبصر الحال وعلم أن للقوة معيار واحد فقط يتمثل في القدرة على إبقاء الآخر أو نفيه بشرط الديمومة، مع وجود الحصانة الذاتية من تسلط الآخرين ولو بعد حين، فمن يتوافر فيه هذا المعيار فهو أهل للقوة العظمى، وحق أن يتخذ ملجأ أبدياً، وهذا المعيار لا يتوافر سوى في “الحي القيوم” سبحانه وقد أبهرني وصفه عز وجل لنفسه بأنه يحيي ويميت؛ ففي جانب الهيمنة والقوة من يملك هذه الصفة فهو وحده القوي الذي لا يجاريه أحد؛ لقدرته على سلب الحياة من أعدائه مهما بلغت قوتهم، ومنح الحياة لمن يشاء، ومن يتمعن في هذه يجد لذة في عبوديته وذلته فقط لمن يملك القوة العظمى المتمثلة بالحياة والموت.