كتاب نظرة فكرية في علم شبكات الحياة

أصبح كل من يستخدم الشبكات عرضة ليكون ضحية لإحدى العصابات الإجرامية التي امتهنت العمل الإجرامي بشتى وسائله بما فيها العالم الرقمي، بل وحتى صغار المجرمين قد يوقعون أشد الخسائر وأكثرها فداحة ببعض الدول والشركات العملاقة التي تستخدم أحدث التقتيات المتوافرة وأفضل أنظمة الحماية المتاحة، وكشاهد على ذلك يذكر البرت لازلو باراباشي في كتابه علم الشبكات الحديث: أنه بتاريخ 3/11/1420هـ (7/2/2000م) وبدلاً من بضعة ملايين كانوا يزورون موقع ياهو بشكل يومي، كانت الموقع يتلقى مليارات الزيارات ذلك اليوم وفي نفس الوقت ولم يكن أي منهم يطلب خدمة بل كانوا يحملون نفس الرسالة (نعم إني أسمعك)، ويضيف باراباشي: دخلت ذلك اليوم وحاولت الحصول على بعض الخدمات وانتظرت دقيقتين وثلاث دون أن أتلقى أي استجابة من الموقع فذهبت إلى موقع أخرى ونفس الشيء حصل لكثيرين ممن كانوا يريدون البحث أو الشراء من الموقع حيث لم يرد الموقع على أي منهم بل كان منهمكاً في الرد على مليارات الأشباح. وفي اليوم التالي اتضح أن المشكلة حصلت لعديد من المواقع منها أمازون وسي إن إن وإي بي وغيرها من أشهر المواقع على الإنترنت. وبالطبع فدخول مليارات الأشخاص في وقت واحد على أحد المواقع أمر مستحيل ولا يمكن حدوثه، ولكن الذي حدث أن أحد الهاكر المحترفين قام باختراق مئات الحواسيب في أماكن مختلفة سواء مدراس أو مراكز بحث أو مراكز تجارية ووظفها لتغرق موقع ياهو بنفس تلك الرسالة “نعم إني أسمعك” ولكن المدهش حقاً أن تحقيقات مكتب التحقيقات الفدرالي لم تتوصل إلى مجموعة إجرامية منظمة ومحترفة كانت تقف خلف ذلك العمل، بل أشارت إلى أن الجاني لم يكن سوى مراهق كندي يبلغ من العمر خمسة عشر عاماً يستخدم خلف اسم مافيا بوي Mafiaboy وهو من قام بتعطيل عمل أكثر الشركات التقنية تقدماً والإشكال أنه لم يستخدم أدوات معقدة بل برامج بدائية متوافر في العديد من مواقع الهاكر المختلفة، ويشبه الكاتب فعلته تلك بما حدث بين داوود عليه السلام وجالوت حيث تمكن داوود من التغلب على خصمة المدجج بمختلف الأسلحة وأفضلها ذلك الوقت باستخدام مقلاع، وهو ما حدث للمراهق مافيا بوي مع ياهو فرغم استخدامها لأحدث تقنيات الحماية وأفضل الحواسيب وأكثرها تقدماً إلا أن ذلك المراهق تمكن من شل الموقع وتعطيل كامل قدراته باستخدام برنامج بسيط متوافر مجاناً في الكثير من صفحات الإنترنت وهو أشبه ما يكون بمقلاع داوود عليه السلام.

د. فهد بن عبد العزيز الغفيلي