الحالة الترامبية

فترة رئاسة ترامب مملوءة بالدروس، وعلى الأخص فترة الانتخابات وما تلاها من أحداث، والمعركة التي كان يخوضوها مع بايدن والديمقراطيين تستحق التأمل. لترامب حسنات كثيرة جداً خاصة ما يتعلق بتعامله الحازم مع الإرهاب، وفي المقابل له سيئات كثيرة خاصة تلك المتعلقة بالعنجهية والغطرسة. ورغم كثرة العبر التي يمكن استنتاجها من هذه الأحداث، فهناك أمران جديران بالملاحظة. الأول يتعلق باحتجاج ترامب بأن الرئاسة سلبت منه زوراً وبهتانا، وأن الديمقراطيين حصلوا على ما لا يستحقون. سلب الرئاسة من ترامب بالتزوير لو لم يصدقها إلا ترامب لكانت كافية بإصابته بالحسرة والخيبة. هذه المشاعر هي نفسها بل أشد من تلك المشاعر التي أسقاها ترامب بنفسه للفلسطينيين حين اعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلاده إليها دون وجه حق. فالجزاء هنا من جنس العمل وما زرعه ترامب بالأمس لعله يحصد شيئا منه اليوم. والمؤسف أن وقوفه مع يهود قوبل بالجحود. الأمر الآخر، أن غطرسة ترامب وتكبره منذ اليوم الأول لرئاسته، حين منع بعض المهاجرين إلى الولايات المتحدة من العودة إليها، وصور انتظارهم في المطارات الأمريكية، مروراً بطريقة تعامله مع بعض من عملوا معه وطردهم من مناصبهم عبر تغريدات ينشرها على حسابه في تويتر، وحتى طريقة تعاطيه مع البلدان وقادتها وأسلوب حديثه عنهم، كل ذلك يوحي بكبر وعلو سينتهي بالسقوط والمهانة ولكن لا أحد تنبأ كيف سيكون. ولأن الجزاء من جنس العمل، فقد تم امتهان ترامب بطريقة لم تحدث لأي رئيس أمريكي، فأمام أنظار البشر في كل مكان جرى منعه من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وعدم تمكينه من الوصول إلى انصاره أو مخاطبتهم عبر أي وسيلة إعلامية. ورغم أن الأيام المتبقية على فترة رئاسته لم تكن تتجاوز عدد أصابع اليدين، إلا أن خصومه سعوا إلى عزله ورسم صورة سلبية جداً عن حياته ووصفوه بالأسوأ عبر تاريخ الرئاسة الأمريكية والأكثر خطورة على بلاده. وبغض النظر عن ترامب كرئيس وما قدمه من عمل طوال فترته الرئاسية، تبقى تصرفاته كشخص قام بمنح من لا يستحق وتعالى وتجبر، فقوبلت تصرفاته بجنس عمله. والحالة الترامبية سنة ربانية قد ينتفع بها كثيرون وقد يتغافل عنها كثيرون، ولكنها تبقى عبرة تستلهم منها الدروس والعبر في الحاضر والمستقبل.