تصنيف القيم

د. فهد بن عبد العزيز الغفيلي

أظن بأن القيم من أهم ما يمكن أن ينظم حياة المجتمعات. فمعرفة القيم تعين على الاهتمام بها وتعليمها للنشء ليلتزم بها. ومن المهم عند حصر القيم أن يتم تصنيفها وهذا يعين على تحديد المسؤوليات ومتابعة التوعية بشأن كل قيمة على حدة بشكل يكفل عدم إغفال أي قيمة. وبالطبع فالتصنيفات كثيرة ولكن هناك نوعين من القيم؛ أحدهما كل لا يتجزأ، والآخر مجزء لا يصح تجميعه. فلو أخذنا قيمة السلامة وهي من القيم الكلية التي لا تتجزأ، فنقول بأن الإنسان يجب أن يستحضر هذه القيمة في كل وقت وفي جميع المجالات. فقيمة السلامة في الجانب المروري بنفس أهميتها في الحوادث الطبيعية وكذلك فيما يتعلق بالدعوة إلى الجهاد التي ينادى عليها بين الحين والآخر. ولهذا فالواجب على كل فرد أن يتمسك بهذه القيمة وأن يستحضرها في كل مناسبة. وفي الجانب الآخر هناك القيمة المتجزئة التي لا يصح تجميعها. ومثالها قيمة استشعار المسؤولية. حيث أن استشعار المسؤولية أمر مهم جداً، ولكن من المهم أن لا نرهق كواهل المجتمع بمطالبة كل فرد بتحمل كل المسؤوليات واستشعارها. فعلى سبيل المثال هناك من يكون ملماً بما يدور في مدينته ومناطق الصراع في كل مكان، وما يحدث في المجالات الاقتصادية والسياسية والرياضية. ولكن حين تسأله عن أحد أولاده لا تجد المعلومة الكافية، بل وربما تنصل من المسؤولية بقوله: ”الله يصلحهم“ أو ”عجزنا عنهم“. وتربية أفراد المجتمع على التركيز على المسؤوليات الخاصة وعدم الانشغال بالمسؤوليات العامة أمر في غاية الأهمية ويقود إلى صلاح المجتمع بأسره. هذا لا يعني عدم الاهتمام بشؤون المسلمين ولكن الموازنة مطلوبة ويكفي المسلمين أن تدعو لهم وأن تتبرع لهم وفق الأنظمة المعمولة بها في بلدك. ولكن الأهم أن تعطي أسرتك جل وقتك واهتمامك وأن تمارس قيمة استشعار المسؤولية تجاههم قبل غيرهم، فهم من تعول وهم من ستسأل عنهم يوم القيامة.

د. فهد بن عبد العزيز الغفيلي