المكون الفكري

د. فهد بن عبد العزيز الغفيلي

يصعب علينا في أحايين كثيرة فهم سلوكيات بعض الأشخاص، ويظهر أن السبب في ذلك له علاق بعدم فهم الدوافع الفكرية المحركة لتلك التصرفات. من خلال تأملي لسلوكيات مجموعات مختلفة من الأشخاص، يمكنني الخلوص إلى إن تلك السلوكيات تتأثر بخمسة مكونات رئيسية تحكم تصرفات الفرد وتوجه سلوكه. هذه المكونات هي المعرفة، والفكر، والذكاء، والإدراك، والعقل. تمثل المعرفة ما يمتلكه الإنسان من معلومة سواء كانت صائبة أم خاطئة، ذات قيمة أو غير ذات قيمة، ولكن من يعلم قد تساعده المعومةعلى اتخاذ القرار الأصوب. ويمثل الفكر الجانب المكمل للمعلومة وهو جانب التأمل والتحليل والسعي لتوظيف المعلومة. ثم تأتي مسألة الذكاء، وهي متعلقة بدراسة الفرص والعمل على استغلالها ومحاولة اختيار الأنسب منها. بعد أن تتوافر المعلومة ويتم تحليلها واتخاذ القرار الأنسب، تأتي مسألة إدراك العواقب والمآلات، فقد يجتهد الإنسان في تحديد السلوكيات التالية ويحيله ذكاؤه إلى أنها الأكثر فائدة وإشباعاً لرغبته، ولكن مسألة إدراك العواقب والأضرار المترتبة يقررها الإدارك الذي يقوم بموازنة الأمور وقد يقرر أن دفع المفسدة مقدم على جلب المصلحة. وآخيراً، يأتي دور العقل ليؤيد تلك القرارت ويباركها، أو يمنعها بحسب ما توصلت إليه المرحلة الإدراكية وموازنة المصالح والمفاسد. فإن كان العقل معتلاً فقد يتصرف الإنسان بطريقة توقعه في الحرج مع آخرين نتيجة لتصرفاته وقد تقوده إلى التصادم مع جهات وأفراد لحقهم الضرر من تلك التصرفات. وإن كان العقل صحيحاً فإنه يعقل صاحبه ويمنعه من الخروج عن دائرة الصواب. ولهذا فالسلوكيات الخاطئة التي يقوم بها بعض الأشخاص هي نتيجة لسوء تقدير واحد أو أكثر من تلك المكونات الفكرية.
د. فهد بن عبدالعزيز الغفيلي