الفطرة السعودية

د. فهد بن عبد العزيز الغفيلي

فهم طبائع البشر في كل منطقة من هذا العالم تساعد على تفسير ما يحدث وتعين على التنبؤ بالمستقبل. فلكل مجموعة من البشر طريقتها في الحياة وفي التعاطي مع المتغيرات بحسب المنطقة التي يقطنونها. وهذا ربما يفسر سبب تكرار وقوع أحداث وصراعات في مناطق محددة من العالم. وفي المقابل هناك مناطق تشاركها نفس الظروف ولكنها تعيش في أمن بعيداً عن العنف. فعلى سبيل المثال؛ هناك تشابه كبير بين أهالي شبه الجزيرة العربية وبين من أهالي العراق، فهم يتشاركون في الدين واللغة والعادات والطبيعة الجغرافية والمناخية إلى حد كبير وحتى في توافر الموارد الطبعية والظروف المعيشية. ولكن نجد الصراعات الدموية تتكرر في العراق، ولا يكاد يتوقف خطب إلا ويتبعه آخر. بينما في جزيرة العرب يندر أن تجد الصراعات الدموية، رغم وجود مؤشرات على اقتراب حدوث صراع أو فتنة إلا إنها سرعان ما تنطفئ. والشواهد على ذلك كثيرة، ولو أخذنا أفعال الخوارج كنموذج، يلاحظ أنهم دائماً ما ينجحون في العراق ويفشلون في جزيرة العرب. بدءاً من فتنة ابن الأشعث التي أودت بحياة مئة ألف مسلم، وحتى وقتنا الحاضر، وما فعلته القاعدة وداعش بأهالي العراق أحد الشواهد على ذلك. وفي المقابل سعت نفس المجموعة الخارجية إلى فعل نفس الشيء في المملكة العربية السعودية، ولكنها لم تستطع، ويظهر أن طبيعة أبناء الجزيرة حكاماً ومحكومين لا تفسح المجال لهؤلاء الخوارج، رغم أنهم يتعاملون مع الخارجي بسياسة تغليب مبدأ الاحتواء والتسامح في البدايات، ولكن حين يجد الجد يضربون ويوجعون ثم ما تلبث أن تخمد الفتنة، بفضل الله، ثم بصرامة التعامل مع هؤلاء الخوارج الذين قد تنطلي تقيتهم على بعض أفراد المجتمع السعودي، ولكن ما أن تتكشف الأمور حتى يكون هناك موقف جماعي حازم والتفافة حول القيادة تضبط الأمور وتبقي الأوضاع مثلما كانت وأحسن. ورغم أن هناك بعض الأصوات الخارجية التي قد تتوهم أن لها قبولاً فتبدأ بالتأليب مستغلة بعض الظروف، ولكنها والقلة التي تطبل لها يصدمون بالتعامل الحازم من الدولة، وتنخذل بردة الفعل التلقائية للمواطن السعودي الذي قد يغريها تفاعله مع بعض الأطروحات الإعلامية، ولكن حين يجد الجد يعود إلى فطرته فيكون موقفه أشد إيلاما على الخوارج ودعاة الفتنة من موقف الجهات الرسمية.

د. فهد بن عبد العزيز الغفيلي

د. فهد بن عبد العزيز الغفيلي
د. فهد بن عبد العزيز الغفيلي